يتناول هذا الكتاب إحدى الأفكار التي تساهم في نهضة الأمة، وهي فكرة "الريادة المجتمعية". ويعني هذا المفهوم ببساطة أنْ يكون هناك شخص إيجابي، يتفاعل مع مشكلات مجتمعه، ويعيها بدقة، ويعرف أيضًا موارده وإمكاناته المتاحة، فيبادر بفكرة إبداعية لحل إحدى هذه المشكلات. وما تلبث أنْ تتحول هذه الفكرة المبدعة إلى حركة اجتماعية، أو شكل مؤسسي تُطَبَّق الفكرة من خلاله، وتنجح في حل هذه المشكلة المجتمعية وتكون قابلة للتعميم والنقل إلى مجتمعات أخرى. وعلى الرغم من الظهور المتأخر لهذا المفهوم في الأدبيات الغربية، فإننا على المستوى العملي والواقعي نجد له تطبيقًا في التاريخ الإنساني، قبل أنْ يصبح مفهومًا متدوالًا في الدراسات الأكاديمية. أيْ أنّ الريادة المجتمعية ظهرت على مستوى التطبيق، قبل أنْ ينتبه المفكرون إليها، ويصنفونها تحت أحد أفرع العلوم الاجتماعية، ويشتَقُّون لها مفهومًا مميزًا. من أجل ذلك يحاول هذا الكتاب التعريف بفكرة الريادة المجتمعية، وملامحها، وأبرز التجارب الإسلامية والغربية التاريخية والمعاصرة في هذا المجال. كما يسعى لتقديم أفكار عملية تُعد دليلًا إرشاديًا لمَنْ يرغب في المشاركة في نهضة أمته بأفكار ريادية وروح إيجابية، تنهض بمجتمعه وتشارك في حل مشكلاته.
برزتْ فكرة الريادة المجتمعية كأداة قوية للتصدي للفجوة العالمية بين الاحتياجات البشرية والموارد اللازمة لتلبية هذه الاحتياجات. وتتعدد التعريفات التي صاغها الباحثون حول مفهوم الريادة المجتمعية، ولكنها كلها تدور حول إيجاد حلول مبتكرة لمشكلات المجتمع. وقد أسس "كانتيلون" فكرته حول الريادة على ثلاثة معانٍ: الإبداع، والمخاطرة، واقتناص الفرص. ومن ثَمّ كانت الريادة -في نظره- تعني شمولية هذه العناصر معًا. ثُمّ أُضيف وصف الاجتماعية إلى كلمة الريادة. ووفْقَ تعريف معهد الريادة المجتمعية، فإنّ الريادة المجتمعية: هي فنّ تحقيق عوائد مالية واجتماعية من مشروعات استثمارية. الريادة المجتمعية إِذَنْ فكرة مبدعة خلَّاقة قابلة للتطبيق، لحل مشكلة أصيلة في المجتمع، باستخدام الموارد المحدودة وتحقيق أقصى استفادة لها. الريادة المجتمعية لا تحتاج لرأس مال ضخم، أو شركات تجارية كبرى، بل فقط تحتاج لرؤية ثاقبة وهمة عالية. يمكنني أنْ ألخصها بأنها: مبادرة وإبداع يؤديان إلى حركة اجتماعية فعّالة.
يواجه مفهوم "الريادة المجتمعية" تحديًا في تحديد المقصود بوصف "اجتماعية"، فهناك مَنْ يجعل الريادة المجتمعية مقابل ريادة الأعمال، ومن ثَمّ فالأخيرة ترتبط بتحقيق الربح، بينما الأولى تعبر عن نوع من البذل و العطاء. وفي تصوري أنّ هذه مقارنة مجحفة بمفهوم الريادة المجتمعية ذاته؛ إذ أنّه على الرغم من أنّ الدافع من وراء الريادة المجتمعية -في كثير من الأحيان- دافع أخلاقي نابع من الشعور بالمسئولية الاجتماعية، لكنها -في بعض الأحيان- قد تكون بدافع تحقيق الذات. كما أنّ ريادة الأعمال كثيرًا ما تمزج السعي للربح المادي بمسئولية اجتماعية وأخلاقية، ويحقق رائد الأعمال فوائد اجتماعية كثيرة، كتشغيل العِمالة، وتحسين أحوالهم، وفتح أسواق جديدة، مما يعني أنّ دافع تحقيق الربح لا يحول دون وجود دوافع أخرى أخلاقية واجتماعية. فعلى سبيل المثال: عندما نقوم بدراسة بعض النماذج المميزة، نجد عناصر مشتركة بينها، تتمثل في الجمع بين الربح والمزايا الاجتماعية؛ مما يؤكد أنّ وصف الاجتماعية لا يعني بالضرورة الإيثار والبذل والعطاء، ولا يستلزم غياب الربح المادي.
يمكن القول إنّ هناك أربع سمات أساسية تُميز الريادة عن غيرها من أشكال العمل المجتمعي، وتتلخص فيما يلي:
تفكير غير تقليدي: تهدف الريادة المجتمعية إلى ما أسماه الاقتصادي "جوزيف شومبيتر" بالتدمير الخلَّاق، الذي يعبر عن تحول ثوري لنمط الإنتاج، ولكنه هنا في حالة الريادة المجتمعية يعبر عن تحول ثوري لمواجهة التحديات الاجتماعية.
تقديم حلول مُستدامة: ينبغي على الريادة المجتمعية أنْ تنطوي على استراتيجية لتحقيق التنمية المُستدامة، وتقديم حلول دائمة لمشكلات متأصلة في المجتمع، ولا تكون مجرد حلول وقتية أو ذات أثر هامشي محدود.
تحقيق الأثر الاجتماعي الإيجابي: تستلزم الريادة المجتمعية إحداث أثر اجتماعي ملحوظ للمجتمعات التي عانتْ طويلًا، وبالتالي يُمكن قياس هذا الأثر على المستوى القصير والمتوسط والبعيد، بمقارنة حال هذا المجتمع قبل ظهور حلول مبدعة لمشكلاته المستعصية بما بعدها.
أفكار صالحة للانتشار: تُقَدِّم الريادة المجتمعية ابتكارًا غير مُقيَّد بالسياق المحلِّي، ومن ثَمّ يصلح هذا الابتكار للتطبيق في أي مجتمع، أو على الأقل يمكن تكييفه ومواءمته حسب ظروف المجتمع، وذلك باعتبار الريادة المجتمعية قادرة على المساهمة في إحداث تغييرات إبداعية منظمة، وبالتالي يُقاس نجاحها بقابليتها للتعميم وإمكان نقلها لمجتمعات أخرى.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان